وعشرين عاماً فرَّ زبان هارباً. . . أبو عمرو النحوي يأوي البواديا
وكان الحجاج طلب العلاء أباه، فخرج هارباً منه، وخرج معه أبو
عمرو، وهما يريدان اليمن.
قال أبو عمرو فإنَّا لنسير في صحراء اليمن إذا رجل ينشد:
رُبما تكره النُفُوسُ مِنَ الأمـ. . . رِ لَهُ فَرْجَة كَحَلِّ العِقَالِ
قال: فقال له أبي: ما الخبر؟
فقال: مات الحجاجٍ، قال أبو عمرو: فأنا بقوله: "فَرجة" يعني بفتح الفاء أشدُّ سرورا مني بموت الحجاج، فقال أبي: هذا، والله، الرغبة في العلم. اضرب ركابنا إلى البصرة.
وكان ابن عامر، رحمه الله، إمام القراءة بالشام، وله فضيلة
على غيره من القراء السبعة بتقدم زمانه، لأنه ولد في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقي من الصحابة جماعة، وقرأ على غير من قدمت ذكره.
روي أنه قرأ من الصحابة على أبي الدرداء، ومعاذ بن جبل، وكان
سنه يوم مات أبو الدرداء ثلاثاً وعشرين سنة، وكان له، يوم مات رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، سنتان، وولد في قرية من قرى البلقاء، يقال لها: رُحَاب، وانتقل إلى دمشق بعد فتحها، وله تسع سنين، وأقام بها إلى أن مات وله مائة وعشر سنين في أيام هشام بن عبد الملك.