وعن مجاهد: (يَطَّوَّقونه) بفتح الياء، وتشديد الطاء والواو أي
يتكلفونه، ومعنى الأولى يُكَلفونه على جُهْد وعُسْر، ولو كانوا في صدر
الإسلام على ما قيل من التأويل الأول لمنع شُهْرَةُ ذلك من وقوع هذا
الخلاف.
وأنا أذكر بعون الله تعالى الآيات التي قيل: إنها منسوخة.
ولها وجه تحمل عليه، فتكون محكمة.
من ذلك: قوله عز وجل: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا)
قيل: هي منسؤخة نزلت في قتال من قاتل، ونسخها الأمر بقتال
المشركين، وهي محكمة على أن قوله عز وجل: (وَلاَ تَعْتَدُوا) أي لا
تعتدوا، فتقتلوا الصبيان، والنسوان، ومن لا قدرة له على القتال.
كالشيخ الفاني، والراهب الذي لا يقاتل.
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ)
قال قتادة: هي منسوخة بقوله عز وجل: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوْهُمْ) .
وبقوله: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً)
وقيل: إنها ناسخة لقوله عزَّ وجلَّ: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْث ثَقِفتُمُوهُمْ)
ثم نسخت بقوله عز وجل: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)
فصارت، أعني آية البقرة ناسخة لآية النساء بآية التوبة، وهذا معدوم النظير.