وعمر رضي الله عنه يعلم أن ذلك جائز في العربية، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هكذا أنزلت ".
فلو أن تغيير القرآن لا يجوز لما أنكر عمر، رضي الله عنه، ما
أنكره.
فأراد عثمان - رضي الله عنه - أن يجمع القرآن كله بجميع وجوهه
السبعة التي أنزل عليها سداً لباب الدعوى، ورداً لرأي من يرى تبديل
حرف منه بغيره.
ألا ترى أنه أحضر الصحف التي كتبها الصديق - رضي الله عنه -
وكانت بالأحرف السبعة، واستظهر من ذلك بما كتب بين يدي
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرقاع، والأكتاف واللخاف، أراده أن لا يبقى لقائل قول، ولا لمدع دعوى.
وأما قوله إنما كتب حرفاً واحداً من الأحرف السبعة فغير
صحيح، فقد كتب في بعض المصاحف (وأوْصى) وفي بعضها
(وَوَصى) ، وكتب في بعضها (وَقَالُوا اتخذَ اللَّهُ) ، وفي بعضها
(قَالُوْا. . .) وكتب (سَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ) في موضع بغير واو، وفي
مصحف (وَسَاْرِعُوْا. . .) .
وكتب في المدنى والشامي (يَرْتَدِدْ) ، وفي غيرهما (يَرْتَدَّ) بدال واحدة.
و (تَجْرِي تَحْتَهَا) في سورة التوبة، وفي بعض المصاحف (مِنْ تَحْتِهَا) .
(وَبِالزبُرِ وَبالكتاب) في آل عمران في المصحف الشامي، وفي غيره (والزبُر وَاْلكِتَاْبِ) إلى غير ذلك من