ذكرتها، أو أوجزَ على قَرِيٍّ واحد لا تعثر فيه على اختلاف، ولا أنت
لتقصير بواجد.
فلا يشك في صحة نزوله من عند الله عز وجل ذو بصيرة.
ولا قدرة لأحد من البشر على أن يأتي بمثله في إحكام معانيه، وانتظام
ألفاظه، وبديع منهاجه.
ولقد عجزت العرب مع قدرتها على التصرف في
الكلام والفصاحة، وفروع البلاغة عن معارضة سوره، ومن السور ما
يقل عدده، وقد أعلمهم أنهم لا يقدرون على ذلك، فنطق لسان الحال
بعجزهم، ووقوع إياسهم من الوصول إلى شيء منه، وانحرفوا إلى القتال.
وبذل الأموال في المعاندة.
فالقرآن إذًا لهذا السبب أعظم آياته - صلى الله عليه وسلم -، وأوضح الأدلة على صحة نبوته؛ ولهذا قال الله عز وجل: (لاَ رَيْبَ فيْهِ)
أي لا يرتاب فيه ذو لب.
فإن قيل: ما معنى قولكم: النظم الغريب، والرصف العجيب؟
وهل ثم زائد على تعليق الكلام بعضه ببعض؟
وذلك الاسم بالاسم، والفعل بالاسم، والحرف بهما؟.
وهذا موجود في كلام العرب.
فبأي شيء باين القرآن كلام العرب؟
قيل: ما كل ما يحيط به العلم تؤديه الصفة، ولكن ألست تفضل كلام البلغاء، والخطباء على غيره؟
وترى أيضاً فلانًا أبلغ من فلان، وأخطب، وأشعر، وأفصح؟
فبأي شيء حصلت هذه التفرقة؟
فكذلك عرفت العرب، ومن يعلم البلاغة من غيرهم مباينة القرآن
العزيز سائر الكلام، وذلك بصحة الذوق، وسلامة الطبع، ولطف الحس
حتى إن منهم من يعرف شعر الشاعر وإن دلس بغيره، ويفصله مما دلس