قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان:34] .
الغيث: المطر، وهو -أي: المطر- غيثٌ ولكن الله سبحانه وتعالى قد لا يجعله غيثاً؛ لأن الغيث قد لا يحصل به الإنقاذ من الشدة، وأحياناً يَنْزِل المطرُ ولا يكون إنقاذاً من الشدة، كما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس السنة ألا تُمْطَروا -يعني: ليس الجدْب ألا تُمْطَروا- وإنما السنة أن تُمْطَروا فلا تنبت الأرض شيئاً) وصدق النبي عليه الصلاة والسلام، الغيث يُنَزِّله الله عزَّ وجلَّ، لا أحد يستطيع أن يُنَزِّل الغيث، مهما كانت قدرته وقوته، لا يمكن أن يُنَزِّل الغيث أبداً؛ لأن ذلك خاص لله عزَّ وجلَّ، والذي يخلق الغيث هو الله، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا نزل المطر حَسَرَ عن ثوبه ليصيب بَدَنَه، وقال: (إنه حديث عهدٍ بربه) أي: مخلوق جديد، فيصيب بدني من حين أن خُلق، ولا أحد يستطيع أن يخلق إلا الله عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الحج:73] استمعوا، الله عزَّ وجلَّ يطلبنا أن نستمع: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج:73] هذا الذباب الضعيف المهين لا يمكن أن يخلقه أحد ممن تدعونه من دون الله، ولو اجتمعوا له.
انظر هذا تحدٍّ، تحدٍّ بالآيات الكونية.
وهناك تحدٍّ بالآيات الشرعية: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء:88] فالله عزَّ وجلَّ يتحدى الناس، يتحدى الخلق بالآيات الكونية كما في الآية الأولى، وبالآيات الشرعية كما في الآية الثانية.