Q امرأة عندها ذهب وتقول: هل يجوز أن أعطي زكاتي لزوجي إذا كان ضعيفاً وعليه ديون كثيرة؟ وهل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بمن تعول) عام في كل شيء؟
صلى الله عليه وسلم نعم، يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها لزوجها إذا كان فقيراً، ولاسيما إذا كان عليه ديون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة عبد الله بن مسعود (زوجك وولدك أحق من تصدقتِ عليهم) فيجوز لها أن تقضي دين زوجها من زكاتها، ولا حرج عليها في ذلك.
ويجب علينا ونحن طلبة علم أن نعلم أن النصوص إذا وردت عامة وجب الأخذ بعمومها، ولا يُخرَج شيء من أفرادها إلا بدليل، هذه قاعدة سبقت الإشارة إليها قريباً، فقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة:60] هذه ألفاظ عامة تشمل القريب والبعيد، بل قد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة) .
فمثلاً: إذا كان الإنسان عنده أب فقير، وعنده صدقة، نقول: هل أبوك داخل في الفقراء الذين في الآية؟ نعم، لا شك أنه داخل، فقير.
ما هو الدليل على أنك لا تعطيه من زكاتك؟ أين الدليل؟ ما في دليل.
لكن إذا كان الفقير ممن تجب عليك نفقته فلا يجوز أن تعطيه من زكاتك للنفقة، أخذتم بالَكُم؟! إذا كان القريب ممن تجب عليك نفقته فلا يجوز أن تعطيه من زكاتك لنفقته، لماذا؟ لأنك إذا أعطيته من زكاتك لنفقته كأنك لم تخرج الزكاة؛ لأنه الآن أعطيته نفقة، والنفقة واجبة عليك.
فإذاً: القاعدة أن نقول: كل قريب تجب عليك نفقته فإنه لا يجوز أن تعطيه من زكاتك لماذا؟ لنفقته، وتأمَّل قوله: لنفقته، فإن أعطيته لغير النفقة فلا بأس.
مثاله: لو أن والدك لزمه غُرْم! تسبب في حادث مثلاً، ولزمه غُرْم، هل يجوز أن تقضي عنه غُرْمه من زكاتك؟ نعم يجوز.
لكن هل يجوز أن تنفق عليه من زكاتك وأنت يلزمك نفقته؟ لا.
الفرق: أنه لا يلزمك دفع الغُرْم عن أبيك، ويلزمك الإنفاق على أبيك.
وكذلك العكس: لو أن شخصاً له ابن فقير، والأب قادر على الإنفاق عليه، فأعطاه أبوه من زكاته، ما تقولون؟ هذا شخص له ابن فقير، والأب قادر على الإنفاق عليه، فهل يجوز أن يعطيه من زكاته؟ لا؛ لأنه تجب عليه نفقته.
لكن لو أن الابن صار عليه غُرْم من حادث حصل منه، أو شيء أتلفه، ولزمه غرامته، فهل يَجوز لأبيه أن يقضي غرامته من زكاته؟ نعم؛ لأن الأب لا يلزمه دفع الغُرْم عن ابنه.
فهذه هي القاعدة في هذه المسألة أن نقول: القرابات داخلون في العموم، فلهم حق الزكاة، الزكاة للفقراء أيِّ إنسان.
لكن إذا كان يلزم مِن إعطائه مِن زكاتك سقوط النفقة عنك فإن ذلك لا يجزئك، يعني: إذا كان القريب ممن تلزمك نفقته فإنه لا يجوز أن تعطيه من زكاتك للنفقة.
أما حديث: (ابدأ بمن تعول ... ) يعني: معناه إذا كان عند الإنسان شيء، فضل من مال، فليبدأ بمن يعول، وليس المراد الصدقة، الصدقة كما ذكرنا على التفصيل الذي سمعتم.