Q نحن أخذنا عمرة ووصلنا مكة قبل الفجر، فأخذنا عمرتنا، واشترينا سحوراً وتسحَّرنا، ثم صلينا بالحرم صلاة الفجر، ونمنا، وصلينا الظهر، وبعد صلاة الظهر خرجنا إلى بلدنا ولم نطف طواف الوداع، فهل علينا شيء؟ حيث أن حديث الرسول: (ليكن أحدكم آخر عهده بالحرم) ونحن خرجنا بعد صلاة الظهر مباشرة!
صلى الله عليه وسلم الحديث ليس لفظه كما قال السائل، وإنما لفظ الحديث على وجهين: الوجه الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (كان الناس ينفرون من كل وجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفر أحد؛ حتى يكون آخر عهده بالبيت) .
واللفظ الثاني: (أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفِّف عن الحائض) .
وطواف الوداع للعمرة محل خلاف بين العلماء، فمن تركه مستنداً إلى فُتيا عالم موثوق بعلمه، فلا شيء عليه.
أما من اعتقد أنه واجب -وهو القول الصحيح، أن طواف الوداع للعمرة واجب كما هو واجب في الحج- فإن المعروف عند العلماء أن تارك الواجب يلزمه فدية تُذبح في مكة وتوزَّع على الفقراء؛ إلا إذا كان الإنسان فقيراً لا يملك مالاً يشتري به الفدية، فإنها تسقط عنه؛ لقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] .
ولا يلزمه أن يصوم عشرة أيام -كما قاله بعض العلماء: أن من عجز عن النسك الواجب لترك واجب يلزمه صيام عشرة أيام- فإن هذا القول لا دليل عليه، بل نقول: من ترك واجباً فإنه يحتاط بذبح فدية في مكة، توزع على الفقراء، ومن لم يجد فلا شيء عليه.
أما بالنسبة لهؤلاء الذين رجعوا بعد أن بقوا في المسجد الحرام نصف النهار، ورجعوا بدون طواف، فأرى أن من الاحتياط وإبراء الذمة ما داموا لم يعتمدوا على قول لأحدٍ من العلماء أن يذبحوا فدية في مكة، كل واحد يذبح فدية في مكة، ويوزعها على الفقراء، ومن لم يجد فلا شيء عليه.