خاتمة الكتاب
هذا آخر ما تيسر تحريره، وغاية ما وسعنى مع ضيق الوقت تسطيره على جواب علامة البشر، مولانا شهاب الدين احمد بن حجر، وألتمس ممن تحلى بالعلم وتدثر بالحلم، وتدرع الإنصاف، وتجنب وصمة الحسد وطريق الاعتساف، أن يحيط بما أستخرجته من كتب العلماء، ويمعن الفكر بما حررته عند أختلاف الآراء، وأن لا يحمله داء التقليد والمعاصرة، على أن يزيف تبره ويطفئ نوره، ويطمس تدقيقاته المبتكرة. بل يمتثل ما أمره به أمير المؤمنين على كرم الله تعالى وجهه من قوله: ((لا تعرف الحق بالرجال، وأعرف الحق تعرف أهله)) وقول حجة الإسلام: ((العاقل من ينظر في نفس القول)) فإن كان حقه قبله، وإن باطلاً تركه. واللبيب من ينتزع الحق من كل كلام، عالماً بان معدن الذهب الرغام. وفي المثل: ((ليس لقدم العهد يفضل القائل)) (?) ، ولا لحداثته يهتضم المصيب في المحافل.
والواجب على طالب النجاة في الدارين أن لا يحكم لأحد من المدعين بلا سماع كلام الخصمين. وها أنا بتوفيقه سبحانه قد ذكرت كلام الشيخين، وتصفحت نصوص الطرفين، متجنباً عن داء العصبية، متنحياً عن حمى الغيرة الجاهلية، إذ لست بحنبلي المذهب، حتى أرمى بسهم العصبية في هذا المطلب. غير أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتقدمات في هذا الشأن، حملتني على نصح الإخوان، وعن الطعن فيمن هو من أولياء الله، والذب عن ذلك الحبر والأواه، وبيان ما عسر تحقيقه ودق تدقيقه على كثير من فضلاء الزمان.