جلاء الافهام (صفحة 136)

يصلونَ على رَسُوله فصلوا أَنْتُم عَلَيْهِ فَأنْتم أَحَق بِأَن تصلوا عَلَيْهِ وتسلموا تَسْلِيمًا لما نالكم ببركة رسَالَته ويمن سفارته من شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن الْمَعْلُوم أَنه لَو عبر عَن هَذَا الْمَعْنى بِالرَّحْمَةِ لم يحسن موقعه وَلم يحسن النّظم فينقض اللَّفْظ وَالْمعْنَى فَإِن التَّقْدِير يصير إِلَى أَن الله وَمَلَائِكَته ترحم وَيَسْتَغْفِرُونَ لنَبيه فَادعوا أَنْتُم لَهُ وسلموا وَهَذَا لَيْسَ مُرَاد الْآيَة قطعا بل الصَّلَاة الْمَأْمُور بهَا فِيهَا هِيَ الطّلب من الله مَا أخبر بِهِ عَن صلَاته وَصَلَاة مَلَائكَته وَهِي ثَنَاء عَلَيْهِ وَإِظْهَار لفضله وشرفه وَإِرَادَة تكريمه وتقريبه فَهِيَ تَتَضَمَّن الْخَبَر والطلب وَسمي هَذَا السُّؤَال وَالدُّعَاء منا نَحن صَلَاة عَلَيْهِ لوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا أَنه يتَضَمَّن ثَنَاء الْمُصَلِّي عَلَيْهِ والإشادة بِذكر شرفه وفضله والإرادة والمحبة لذَلِك من الله تَعَالَى فقد تَضَمَّنت الْخَبَر والطلب

وَالْوَجْه الثَّانِي أَن ذَلِك سمي منا صَلَاة لسؤالنا من الله أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَصَلَاة الله عَلَيْهِ ثَنَاؤُهُ وإرادته لرفع ذكره وتقريبه وصلاتنا نَحن عَلَيْهِ سؤالنا الله تَعَالَى أَن يفعل ذَلِك بِهِ وضد هَذَا فِي لعنة أعدائه الشانئين لما جَاءَ بِهِ فَإِنَّهَا تُضَاف إِلَى الله وتضاف إِلَى العَبْد كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِن الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} الْبَقَرَة 159 فلعنه الله تَعَالَى لَهُم تَتَضَمَّن ذمه وإبعاده وبغضه لَهُم ولعنة العَبْد تَتَضَمَّن سُؤال الله تَعَالَى أَن يفعل ذَلِك بِمن هُوَ أهل للعنته

وَإِذا ثَبت هَذَا فَمن الْمَعْلُوم أَنه لَو كَانَت الصَّلَاة هِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015