الشَّافِعِي رَحمَه الله من تجويزه ذَلِك فَلَيْسَ بِصَحِيح عَنهُ وَإِنَّمَا أَخذ من قَوْله إِذا أوصى لمواليه وَله موَالٍ من فَوق وَمن أَسْفَل تنَاول جَمِيعهم فَظن من ظن أَن لفظ الْمولى مُشْتَرك بَينهمَا وَأَنه عِنْد التجرد يحمل عَلَيْهِمَا وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح فَإِن لفظ الْمولى من الْأَلْفَاظ المتواطئة فالشافعي فِي ظَاهر مذْهبه وَأحمد يَقُولَانِ بِدُخُول نَوْعي الموَالِي فِي هَذَا اللَّفْظ وَهُوَ عِنْده عَام متواطئ لَا مُشْتَرك
واما مَا حُكيَ عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله أَنه قَالَ فِي مُفَاوَضَة جرت لَهُ فِي قَوْله أَوْ لامستم النِّسَاء وَقد قيل لَهُ قد يُرَاد بالملامسة المجامعة قَالَ هِيَ مَحْمُولَة على الجس بِالْيَدِ حَقِيقَة وعَلى الوقاع مجَازًا فَهَذَا لَا يَصح عَن الشَّافِعِي وَلَا هُوَ من جنس المألوف من كَلَامه وَإِنَّمَا هَذَا من كَلَام بعض الْفُقَهَاء الْمُتَأَخِّرين وَقد ذكرنَا على إبِْطَال اسْتِعْمَال اللَّفْظ الْمُشْتَرك فِي معنييه مَعًا بضعَة عشر دَلِيلا فِي مَسْأَلَة الْقُرْء فِي = كتاب التَّعْلِيق على الْأَحْكَام =
فَإِذا كَانَ معنى الصَّلَاة هُوَ الثَّنَاء على الرَّسُول والعناية بِهِ وَإِظْهَار شرفه وفضله وحرمته كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف من هَذِه اللَّفْظَة لم يكن لفظ الصَّلَاة فِي الْآيَة مُشْتَركا مَحْمُولا على معنييه بل قد يكون مُسْتَعْملا فِي معنى وَاحِد وَهَذَا هُوَ الأَصْل وسنعود إِلَى هَذِه الْمَسْأَلَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْكَلَام على تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْأَحْزَاب 56
الْوَجْه التَّاسِع أَن الله سُبْحَانَهُ أَمر بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عقب إخْبَاره بِأَنَّهُ وَمَلَائِكَته يصلونَ عَلَيْهِ وَالْمعْنَى أَنه إِذا كَانَ الله وَمَلَائِكَته