[بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم]
حج نبيكم -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة في عمره هي حجة الوداع، حجها في العام العاشر من الهجرة، وصار المسلمين معه ينظرون إلى أقواله وأعماله، يقتفون أثره ويسرون على منهاجه، وهو يقول لهم عقب كل قول يقوله أو عمل يفعله: «خذوا عني مناسككم، لعلي لا أراكم بعد عامي هذا (?) » وقف بعرفة وقال: «كل عرفات موقف، وارفعوا عن بطن عرنة (?) » وأخبر أن «الحج عرفة (?) » وصلى في هذا المكان الظهر والعصر جمعا وقصرا، كما سنفعله إن شاء الله، وذلك ليتفرغ الحاج للذكر والابتهال والاستغفار، خطبهم قبل ذلك خطبة بين لهم فيها حرمة الدماء والأموال وحرمة الربا، وألغى مسائل الجاهلية، واستشهدهم على أنه قد بلغهم فقال لهم: «ألا هل بلغت؟ " (?) » والمسلم يشهد حقا أنه قد أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده.
«وقف نبيكم بعرفة إلى أن غربت الشمس، وحذرهم من الانصراف من عرفة حتى تغرب الشمس قائلا لهم: " هدينا مخالف لهديهم (?) » انصرف بعد ذلك لمزدلفة بسكينة ووقار، وصلى بها المغرب والعشاء جمعا وقصرا، وبات بها وأذن للضعفة في الانصراف عن مزدلفة بعد نصف الليل، صلى بمزدلفة الفجر ثم أفاض إلى منى فرمى الجمرة ونحر هديه وحلق رأسه، ثم طاف بالبيت صلوات الله وسلامه عليه.
فكن أيها الحاج مقتفيا أثر نبيك، قف بعرفة إلى الغروب ولا تنخدع بمن