مواضعه، وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم، فحبنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقتضي أن نصرف له شيئا من أنواع العبادة، فالعبادة بكل أنواعها حق لله -عز وجل-، وقد أمره الله أن يقول: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (?) {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} (?) {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (?) ، فهو إنما بعث ليدعو العباد إلى عبادة الله، ما بعث ليعظم من دون الله، ولا ليستغاث به من دون الله، ولا ليستنصر به من دون الله {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (?) {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (?) ، وهو -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الناس بعدا عن الشرك، حذرنا أن نغلو فيه فقال: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (?) » وقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله (?) »
[حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته قبل أن يموت عن الغلو فيه]
ولما علم -صلى الله عليه وسلم- أن سبب ضلال الضالين قبلهم من الأمم غلوهم في أنبيائهم حذر أمته من ذلك، فقال -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بثلاث: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (?) » بل في سياق الموت وهو يعاني سكرات الموت وأهواله وكربه لم يمنعه من ذلك من أن ينصح أمته