على حالة واحدة، إن نزلت به الضراء تلقاها بالصبر والاحتساب، يرجو بذلك ثواب الله، وإذا أقبلت عليه الدنيا تلقاها بالشكر وصرفها فيما يرضي الله، فلم تكن الضراء لتسخطه ولم يكن الرخاء ليطغيه.
إن نال في الدنيا ما نال تذكر قول النبي الصالح سليمان -عليه السلام-: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} (?) ، ولم يكن ممن قال الله ذاما له: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (?) .
فهو صابر في ضرائه، شاكر في رخائه، ثابت على إيمانه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له (?) » إن غير المؤمن لا يرجو ثواب الله ولا يخاف عقاب الله، إن أصابته ضراء سخط واعترض على الله في قضائه وقدره، وإن حصل له رخاء ازداد طغيانا وشرا، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (?) .
إن المؤمن سعيد بإيمانه فهو طيب القلب لأنه يؤدي للناس ما يحب أن يؤدوه إليه، فليس في قلبه غل ولا غش ولا حقد على أحد، بل مؤمن مثالي بأخلاقه الكريمة وسيرته النبيلة وأعماله الفاضلة، فمكارم أخلاقه وفضائل أعماله اطمأن بها قلبه وانشرح بها صدره، قال تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} (?)