تزدادوا خوفا من الله ورجاء فيما عند الله.
أيها المفتون في الحج، اتقوا الله فيما تفتون، ولا تفتوا الناس إلا بعلم وبصيرة، واحذروا أن تفتوهم بخلاف الشرع فتكونوا من الآثمين.
[افترض الله الحج على المسلمين مرة في العمر]
معشر المسلمين، إن الله افترض الحج على أمة الإسلام وجعله فريضة العمر، من أداه في عمره مرة فقد برئت ذمته وأدى الواجب ولا حرج عليه، فيا ليت المسلمين يفقهون ذلك ويعلمون أن من أدى فريضته فقد أدى الواجب الذي عليه، ولم يكلف العبد نفسه فيما سوى ذلك، فيسعى في إفساح الطريق، وتهيئة الجو لغيره من إخوانه المسلمين، ذلك من باب التعاون على البر والتقوى.
[بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم]
أمة الإسلام، حج نبيكم -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة هي حجة الوداع، أعلمهم فيها مناسك حجهم بأقواله وأفعاله، فما قال قولا إلا قال لهم: «خذوا عني مناسككم (?) » «وقف بعرفة وقال: " الحج عرفة (?) » وأخبر الناس بفضل ذلك اليوم، وأنه يوم عظيم يباهي الله فيه ملائكته بأهل الأرض يقول: «انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم (?) » وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة (?) » وقال: «ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر (?) »