منصرفا لغير الله، آلها غير الله، راجيا غير الله، فإنه لن ينقاد للخير أبدا.

أقام الله -عز وجل- الأدلة الواضحة والبراهين الصادقة على فساد الشرك وضلال المشركين وفساد معبوداتهم من دون الله، فبين لهم تعالى وتقدس أن كل عابد لغير الله فإنه في ضلال مبين {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (?) ، وأن هؤلاء المدعوين غافلون عن دعاء من دعاهم، وأنهم يوم القيامة سيتبرءون من كل من عبدهم من دون الله ويكفرون بعبادتهم، وأخبر تعالى أن هذه المعبودات لا تملك شيئا في الكون، وليسوا أعوانا لله ولا شركاء لله، وأن الشفاعة التي يظنها المشركون أنها في يد من عبدوه وعظموه من دون الله أن ذلك ضلال مبين، فإن الشفاعة ملك لله، الله الذي يأذن للشافع بعدما يرضى -تعالى وتقدس- عن المشفوع له وهو لا يرضى إلا عمن وحده وعبده ولم يجعل مع الله شريكا في عبادته.

إن محمدا -صلى الله عليه وسلم- مكث عشر سنين بعد البعثة مكرسا وباذلا قصارى جهده في تحقيق التوحيد وحماية هذا الأصل العظيم، وتثبيته في النفوس وإزالة الشرك والوثنية، ولم تفرض عليه الصلوات الخمس إلا قبل هجرته بسنتين، وهاجر إلى المدينة بعد ذلك ففرضت بقية الفرائض، وشرعت الحدود، وما زال -صلى الله عليه وسلم- يحمي هذا التوحيد ويهتم بشأنه، ويدحض الشرك، ويزيل كل شبه المشبهين، ويحقق التوحيد حتى طهر الله به جزيرة العرب من كل الأوثان، وعاد إلى مكة فاتحا منتصرا، وأزال كل ما بها من شرك ووثنية، وأعادها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015