شرفها الله وزادها تشريفا وتعظيما؛ استجابة لدعاء الخليل -عليه السلام-: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (?)
فمكة – شرفها الله – خير أرض الله، ومختار الله من أرضه، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- خير خلق الله على الإطلاق، صلوات الله وسلامه عليه أبدا دائما إلى يوم الدين.
[أرسل الله محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد الخالص بعدما أطبق الأرض الجهل والضلال وعبادة الأوثان]
بدأ -صلى الله عليه وسلم- قومه العرب بدعوته، وكان العرب آنذاك قد انحرفوا عن فطرة الله، كانوا متباهين في ضلالاتهم، متفرقين في عباداتهم، يعبدون آلهة متعددة، لكل فئة منهم إله يعبدونه من دون الله، ويعظمونه من دون الله، منهم من يعبد المسيح، ومنهم من يعبد عزيرا، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، فدعا القوم جميعا إلى توحيد الله، دعاهم إلى إخلاص الدين لله، دعاهم إلى أن يتوجهوا بقلوبهم إلى ربهم وفاطرهم ليعبدوه وحده لا يشركون به شيئا.
وكان العرب كغيرهم من مشركي الأمم يزعمون أن تلك المعبودات التي يعبدونها من دون الله تقربهم إلى الله زلفى، وأنها تشفع لهم عند الله، وأنها ترفع إلى الله حاجاتهم وطلباتهم، ما كانوا يعتقدون فيها أنها تخلق وترزق وتدبر أمر الكون، فذاك متفق عليه بين أهل الأرض كلهم أنه من خصائص الله، لكن شركهم أنهم اتخذوا بينهم وبين الله وسائط يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى، وأنها تشفع لهم عند الله، فصرفوا لها العبادة من دون الله، عظموها بقلوبهم، تألهتها قلوبهم خوفا وحبا ورجاء، صرفوا لها أنواع العبادة التي هي حق لله ولا حق لأحد