جاء لموقف عرفة، فخطب الناس بوادي عرنة، خطبهم خطبة هدم فيها قواعد الشرك، وأعلن فيها قواعد الإسلام، وبين حرمة الدماء والأموال، وألغى مآثر الجاهلية وأعمالها السيئة، وبين ما للمرأة من حقوق وما عليها من واجبات، وأوصى الناس بالتمسك بكتاب الله وأخبرهم أنهم لن يضلوا إن تمسكوا به واعتصموا به، ثم استشهدهم على أنه بلغهم، فأقروا جميعا بأنه بلغهم، وأنه أدى الأمانة وبلغ الرسالة، فاستشهد الله عليهم بذلك

ثم صلى الظهر والعصر جمعا وقصرا بأذان وإقامتين، أذن ثم أقام فصلى الظهر ركعتين، ثم أقام فصلى العصر ركعتين، وما صلى قبلهما ولا بعدهما شيئا.

ثم «وقف بعرفة وقال لهم: " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف (?) » ليبين أن ليس للوقوف في عرفة مكان معين، بل جميع حدود عرفة أي موضع وقف فيه المسلم أدى الواجب، وفي هذا الموقف العظيم وقف يدعو راكبا على راحلته مفطرا، شك الصحابة هل كان مفطرا، فبعثوا إليه بقدح لبن فشربه والناس ينظرون إليه لأن المستحب للحاج بعرفة أن يكون مفطرا؛ ليتفرغ للدعاء والذكر.

وهذا اليوم العظيم – أعني: يوم عرفة – يقول فيه -صلى الله عليه وسلم-: «الحج عرفة (?) » فهو ركن أساسي من أركان الحج، يبدأ هذا الوقوف من يوم عرفة، وينتهي بطلوع فجر يوم النحر، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج (?) » فمن لم يقف بعرفة إلا ساعة من نهار، ووقف بها إلى الغروب، أو أتاها بعد المغرب ووقف بها ولو قليلا، فإنه قد أدى الركن العظيم من أركان الحج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015