يطوفون بقبره؟ لا والله لم يشرع ذلك، لا انتقاصا من حق المصطفى، فإن محبته في قلب المؤمنين فوق محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، لكنه نهانا فانتهينا وقال لنا: «لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وحيثما كنتم فصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني (?) » وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (?) » وقال وهو في كرب السياق: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (?) » «ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (?) » فسمع المسلمون وأطاعوه وزاروا مسجده، ولم يتخذوا قبره مزارا ولا مطافا؛ لعلمهم بكراهيته لذلك، فإن الله بعثه ليدعو العباد إلى عبادة الله، {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (?) {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (?) ، فطوافنا بالبيت عبادة لله {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} (?) .
“ من دعا إلى عبادة القبور والتوجه لها فقد بدل دين الله تعالى “
أما من أراد أن يحول وجوه الناس ويجعل لهم عوضا فيما يزعم عن هذا البيت الحرام، ويصرف حجهم كما يظن إلى أي بقعة من الأرض كائنة من كانت، فقد ضل وأضل، وضل عن سواء السبيل، وبدل دين الله، فإن الله أوجب الحج إلى بيته الحرام، وأوجب الطواف ببيته الحرام، فليس في الدنيا مكان شبيه لهذا البلد الأمين ولا مماثلا له، ومن ادعى غير ذلك فقد ضل سواء السبيل، وأتى بزور من القول وبهتان.