وسلم الأوس والخزرج هذه النعمة فقال «يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي (?) »

إن الرعيل الأول من هذه الأمة الذين عاشوا الجاهلية يعلمون حقيقة ما فيها من ظلم وفساد، وما فيها من فرقة واختلاف، وما من الله عليهم به من هذا الذين الذي جمع قلوبهم ووحد صفهم، وجعلهم كالبيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

“ انقسم الناس في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى في زماننا هذا إلى مؤمن وكافر ومنافق “

أمة الإسلام، لما هاجر المصطفي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بأمر الله –بعدما فشا الإسلام بين الأوس والخزرج – وصارت المدينة دار الإسلام، واستقرار المصطفي -صلى الله عليه وسلم- بها، وجرت وقعة بدر الكبرى التي أيد الله فيها نبيه وأصحابه وأرغم أنوف أهل الشرك والضلال، دخل في الإسلام فئة من الناس لا رغبة لهم في الإسلام، ولا حب في الإسلام، ولكن دخلوا فيه، ليحقنوا دماءهم ويحموا أموالهم، ويعشوا بين المسلمين، فمن هنا برزت معضلة النفاق الكبرى، فصار الناس أمام هذا الدين ما بين مؤمن ظاهرا وباطنا، وهم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الكرام، الذين آمنوا بقلوبهم وصدقوا بألسنتهم، وظهر أثر ذلك الإيمان على جوارحهم، في تصرفاتهم، في أقوالهم وأعمالهم، وبين كافر قد استبان كفره وضلاله، فهو كافر ظاهرا وباطنا، وفئة أخرى كانوا مع المؤمنين في ظاهرهم ومع الكافرين في باطنهم وهم المنافقون، فتلك البلية العظمى والمصيبة الكبرى، إن الإسلام إنما أصيب على أيدي المنافقين المتربصين بالإسلام وأهله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015