كما جاء في صحيح البخاري: «المفرق» من أسمائه عليه الصلاة والسلام المفرق، وهذا شرف كبير له؛ ذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل، ويفرق بين المسلم والمشرك، وبين المؤمن والمنافق، ونحو ذلك.

فإذاً: كلمة التفريق قد تمدح وقد تقدح، ولذلك فلا يجوز أن تطلق هذه الكلمة على سبيل المدح مطلقاً كما لا يجوز أن تطلق على سبيل القدح مطلقاً، هذا يشبه الكثير من المسائل التي تتعلق بالعقيدة، وهذا مما استفدناه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بحق رحمه الله حينما يناقش علماء الكلام وعلماء التأويل الذين أنكروا بعض الصفات الإلهية والتي منها: استواء الله تبارك وتعالى على عرشه، وعلوه على خلقه، حيث يقول المعطلة أو على الأقل المؤولة يقولون: إن الله عز وجل ليس في مكان، إن الله عز وجل ليس له جهة. يقول ابن تيمية في مناقشة هؤلاء: نحن لا نقول إن لله مكاناً أو إن له جهة كما أننا لا ننفي المكان عنه، ولا الجهة، وإنما ننظر إلى النافي وإلى المثبت، ننظر إلى كل منهما، ماذا يعني إذا أثبت المكان أو الجهة، أو ماذا يعني إذا نفى المكان أو الجهة؟ فإن كان ما يعنيه هذا أو ذاك مطابقاً للكتاب والسنة قبلنا معناه، ورفضنا لفظه؛ لأن اللفظ لم يرد، فمن قال: إن الله عز وجل ليس له جهة، إن كان يعني ليس له جهة من الجهات الست مطلقاً كما هو طبيعة الإنسان لابد ما يكون في جهة، فهذا قد يقال إلا إذا نفى أن يكون الله عز وجل في جهة العلو حينئذ نقول له: أبطلت؛ لأنك نفيت ما جاءت نصوص الكتاب والسنة متواترة على إثباته وهو: ارتفاع الله عز وجل على عرشه وعلوه على خلقه.

وإن عنيت بالنفي أن الله بحاجة إلى الجهة وإلى المكان، قلنا: نحن معك؛ لأن الله هو الغني عن العالمين، لكن هذا لا يعني أنه ليس له صفة العلو.

فإذاً: كلمة تقال تارة لها معنى صحيح، وتارة لها معنى غير صحيح، فالآن الذين يذموننا ويقولون: أنكم تفرقون فاسألهم نفرق بين ماذا وماذا؟ نحن دعاة إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، فهل أنت معنا؟ فإن قال: أنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015