سبيل الله قسمين آخرين: أحدهما العلماء، والآخر هم الأغنياء، فقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: «أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: عالم، ومجاهد، وغني، يؤتى بالعالم يوم القيامة فيقال له: أي عبدي ماذا عملت بما علمت؟ فيقول: يا رب نشرته في سبيلك، فيقال له: كذبت، إنما علمت ليقول الناس: فلان عالم، وقد قيل؛ خذوا به إلى النار. ثم يؤتى بالمجاهد فيقال له: ما عملت فيما أعطيتك من قوة؟ فيقول: يا رب قاتلت في سبيلك، فيقال له -أيضاً-: كذبت، إنما قاتلت ليقول الناس: فلان شجاع، وقد قيل؛ خذوا به إلى النار.
ثم يؤتى بالغني فيقال له: ماذا عملت فيما أنعمت عليك من مال؟ فيقول: يا رب أنفقته في سبيلك، فيقال: كذبت، إنما فعلت ليقول الناس: فلان كريم، وقد قيل؛ خذوا به إلى النار»، قال -عليه الصلاة والسلام-: «فهؤلاء الثلاثة هم أول من تسعر بهم النار»، لذلك هذه الهيئات الله أعلم بمن كان منها نيتها لوجه الله -عز وجل-، ولذلك لا تعطي ثمارها؛ لأنها ليست خالصة لوجه ربها -تبارك وتعالى-، ولكن نكاد نقع في اليأس من تذكير هؤلاء ووعظهم؛ لأنهم ربوا على هذا ونشؤوا على هذا، فلم يبق هناك فائدة من تذكيرهم؛ لأن الأمر يحتاج إلى تربية الشباب المسلم منذ نعومة أظفارهم على أن يكون عملهم كله لله -عز وجل-، سواء كان علماً أو كان جهاداً أو كان إنفاقاً أو أي شيء من الأمور التي تتعلق بالمجتمع الإسلامي، فنسأل الله -عز وجل- أن يهدي أمتنا إلى الرجوع إلى أحكام دينها فقهاً وعملاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]، والله المستعان، نعم.
(الهدى والنور / 547/ 09: 05: 00)