تفرقوا بعد أن يذكر بعضهم بعضاً بهذه السورة المباركة: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3].

فيجب إذاً بعد أن يعلم المسلم علماً يقينياً ما هو الإيمان المنجي، ثم يؤمن به حقاً يجب عليه أن يعلم ما هو العمل الصالح حتى يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى زلفى.

لقد اشترط علماء التفسير عند الآية السابقة: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] شرطين اثنين، وعليهما مدار الكلام الآن:

أما الشرط الأول: فهو أن يكون العمل الذي يريد المسلم أن يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى على وفق السنة .. مطابقاً لما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من العمل الصالح، وهذا معناه: أن يكون متبعاً للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأن لا يكون مبتدعاً شيئاً في سنته مهما كانت نيته صالحةً يبتغي بها وجه الله، فلن يفيده هذا العمل ولو كان مقترناً بالنية الصالحة ما دام أنه خالف في عمله سنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -.

والأدلة التي استند واعتمد عليها العلماء في وضعهم لهذا الشرط ليكون العمل صالحاً وهو الشرط الأول الأدلة الدالة على ذلك كثيرة وكثيرة جداً، من أشهرها ما سمعتم آنفاً في خطبتي لهذه الجلسة وهذه الخطبة أيضاً من الأمور التي أخل بها .. لا أعني المسلمين كلهم وعامتهم وإنما أعني به خاصة المسلمين فإنكم لا تكادون تسمعون درساً أو محاضرة أو توجيهاً سواء كان ذلك هكذا مباشرة أو بالإذاعة أو بأي وسيلة أخرى .. لا تكادون تسمعون أحداً يفتتح خطبته أو درسه أو بحثه بما سمعتم آنفاً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015