وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وتركتم الجهاد»؛ هو ثمرة الخلود إلى الدنيا، كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} [التوبة: 3].
وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «. . .سَلَّطَ الله عليكم ذُلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم»؛ فيه إشارة صريحةٌ إلى أن الدين الذي يجب الرجوع إليه: هو الذي ذكره الله عز وجل في أكثر من آية كريمة، كمثل قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19].وقوله سبحانه: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضت لكم الإسلام دينا} [آل عمران: 1].
وفي تعليق الإمام مالك المشهور على هذه الآية ما يبين المراد، حيث قال -رحمه الله-: «وما لم يكن يومئذ ديناً؛ فلا يكون اليوم ديناً، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها».
وأما هؤلاء الدعاة الذين يدندنون اليوم حول «فقه الواقع»، ويفخمون أمره، ويرفعون شأنه -وهذا حق في الأصل- فإنهم يغالون فيه؛ حيث يَفهمون ويُفهِّمون- ربما من غير قصد -أنه يجب على كل عالم- بل على كل طالب علم- أن يكون عارفاً بهذا الفقه! !
مع أن كثيراً من هؤلاء الدعاة؛ يعلمون جيداً أن هذا الدين الذي ارتضاه ربنا