هذا بالشرط إلا بالولاية الكبرى، لكن هذا من باب تنظيم الرحلة وبخاصة إذا كانت إلى بيت الله الحرام، فلابد من تأمير أحدهم إذا لم يكن ثمت تأمير؛ لقوله عليه السلام: «إذا سافر ثلاثة فليؤمروا أحدهم».
وهذا بلا شك أمر من كمال الإسلام؛ لأن الإسلام يرفض الفوضى، حتى في هذه المعاشرة المنتهية القصيرة الأمد، وهي سفر الطريق، فهذا أول ما ألفت النظر إليه أنه يجب أن يكون هناك أمير ينظم رحلتهم يأمرهم حيث يرى النزول بالنزول ويأمرهم بالانطلاق حيث يرى أن الانطلاق هو خير لهم، وهكذا فهو منظم شؤونهم، فعليهم في حدود هذه المصلحة أن يتجاوبوا مع ذاك الأمير.
ناحية أخرى تتعلق بشخص الأمير وإن كان هذا أيضاً: أرجو أن يكون من باب تحصيل الحاصل، وهو أن يستشيرهم، وألا ينفرد بالرأي عنهم ودونهم، وإنما كما قال تعالى: وأمرهم شورى بينهم، فهو يستشيرهم ثم ينِّفذوا ما انتهى إليه رأيه، وعلى الآخرين طاعته، ويتساءلوا الكتاب العصريون اليوم تحت عنوان أصبح كأنه كريشة وهو: هل الشورى معلمة أو ملزمة؟ في المسألة قولان، لكن الصحيح الذي لا نشك فيه أن الشورى غير ملزمة هي معلمة، هي تفتح الطريق على المستشير، المستشير يشتري الآراء ويجمعها إليه، ثم هو كالنحلة يستصفي منها خير تلك الآراء، ويأمر بتنفيذها، فالشورى معلمة وليست بملزمة.
(الهدى والنور /202/ 34: 05: 00)