المحكي في السؤال؛ لأن هذا العذر في الحقيقة هو كما يقال: عذر أقبح من ذنب؛ فلا يكلف نفساً إلا وسعها.
والغلو في الدعوة دون القيد المذكور آنفاً كما ذكرت أيضاً في ... كلامي السابق أن عاقبة هذا الغلو هو الانهيار كما قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل».
فإذاً: علينا أن نظل ندعوا الناس كل الناس إلى فهم الكتاب فهماً صحيحاً، مبتدئين بالعقيدة التي هي أساس النجاة يوم القيامة، ثم بما يجب بعد ذلك من معرفة الفرائض العينية، ثم الفرائض الكفائية التي إذا قام بها البعض سقط عن الباقين، وهذا يجرني إلى التنبيه إلى شيء من الغلو الذي وقع المسلمون اليوم؛ حتى بعض الدعاة، وهو:
أصبحت كلمة الدعوة والدعاة في اعتقادي هي من بدعة العصر الحاضر، وأنا في ظني أنكم سوف لا تسمعون هذا الكلام من غيري، لكنه الحق، و {لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [الذاريات: 23].
الدعوة اليوم والدعاة أصبح كأنه أمر فرض عيني على كل مسلم، ولو كان لا يعرف من الإسلام شيئاً، والمثال تعرفونه اليوم في كتلة إسلامية ضخمة جداً يخرجون إلى الدعوة بزعمهم، ويسمون هذا الخروج بالخروج في سبيل الله، وأكثر الذين يخرجون كما يقولون في سبيل الله كما يقولون في بعض البلاد العربية: لا يفرق بين الخمسة والطمسة، وبين الألف والمسطيجي.
هؤلاء ماذا يفعلون؟ هؤلاء دعاة. دعاة إلى ماذا؟ إلى الإسلام!
يا جماعة اتقوا الله، فاقد الشيء لا يعطيه، اجلسوا في بلادكم وتحلقوا