ولذلك النكتة التي رويتها لكم آنفاً بالنسبة لذاك الكردي واليهودي، هي خير مثال لكثير من هؤلاء الدعاة الذين يدعون الجماهير المسلمة إلى الإسلام، ولكنه إسلام غير مفهوم.
لذلك قيل قديماً من الحكم: من رأى العبرة بغيره فليعتبر.
الإخوان السلفيون الذين مضى على انضمامهم أو قيامهم بهذه الدعوة الطيبة المباركة كجماعة، لم يمض عليهم إلا أقل من ربع قرن من الزمان، وقد لمسوا آثار دعوتهم في العالم الإسلامي، فما يجوز لهم إطلاقاً أن ينتكسوا، وأن يرجعوا القهقرى، وأن يقعوا في ما وقع فيه غيرهم من الأحزاب الأخرى مع فارق كثير، الأحزاب الأخرى ما عرفوا ولا ذاقوا طعم ولذة الدعوة السلفية، بل أهمية الدعوة السلفية، ولذلك فهم يعيشون حيارى، لا يدرون العقيدة التي أنزلها الله .. على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، وبينها للناس كافة، لا يدرون حتى في هذه الأيام الأخيرة، أما السلفيون فقد ذاقوا حلاوة هذه الدعوة، وعرفوا قدرها وقيمتها، فما ينبغي لهم أبداً أن يتناسوها وأن يشغلوا الناس الآخرين الذين كانوا يدعونهم إلى أن يفهموها وأن يؤمنوا بها، أن يشغلوها بأمور أخرى تدخل في باب السياسة سواء أطلقت أو قيدت؛ لأن السياسة على إطلاقها لا أعتقد أن مسلماً يقول بشرعيتها، فلا بد إذاً من تقييدها بالسياسة الشرعية.
السياسة الشرعية أمر مرغوب فيه بلا شك في الشرع؛ لأنه لا يمكن إدارة الدولة المسلمة إلا على الأساس من السياسة الشرعية، لكن هذه السياسة ليست من شأن الأفراد، وليست من شأن الدعاة الذين يجب عليهم أن يفقهوا المسلمون بعامة وأنا حينما أقول: بعامة كدعوة، لكن التكتل والتجمع على هذه الدعوة لا يخفى على أي مسلم عاقل؛ لأنه من المستحيل أن يمكن للدعاة أو لبعض الدعاة