يتبعوا الكتاب والسنة ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبق في المسلمين خير، وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرة ببقاء طائفة من الأمة على الحق ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام «إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ... قالوا من هم يا رسول الله» جاء الحديث على روايات عدة في بعضها يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - واصفاً الغرباء «هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» وفي رواية أخرى، قال عليه الصلاة والسلام: «هم أناس قليلون صالحون بين أناس كثيرين من بعضهم أكثر ممن يطيعهم» فلذلك لا يجوز هذا الإطلاق في العصر الحاضر على القرن كله لأن فيه-والحمد لله- بقية طيبة لا تزال على هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلى سنته وستظل كذلك حتى تقوم الساعة، ثم إن في كلام سيد قطب رحمه الله وفي بعض تصانيفه مما يشعر الباحث أنه كان قد أصابه شيء من التحمس الزائد للإسلام في سبيل توضيحه للناس.
ولعل عذره في ذلك أنه كان يكتب بلغة أدبية؛ ففي بعض المسائل الفقهية، كحديثه عن حق العمال في كتابه «العدالة الاجتماعية» أخذ يكتب بالتوحيد وبعبارات كلها قوية تحيي في نفوس المؤمنين الثقة بدينهم وإيمانهم، فهو من هذه الخلفية في الواقع قد جدد دعوة الإسلام في قلوب الشباب وإن كنا نلمس أحياناً أن له بعض الكلمات تدل على أنه لم يساعده وقته على أن يحرر فكره من بعض المسائل التي كان يكتب حولها أو يتحدث فيها فخلاصة القول: إن إطلاق هذه الكلمة في العصر الحاضر لا يخلو من شيء من المبالغة التي تدعو إلى هضم حق الطائفة المنصورة وهذا ما عَنَّ في البال فذكرته.
(حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه (1/ 391 - 394)