«وجنبوه السواد» لا يتبادر منه ذاك التفصيل لا سيما وهناك حديثان آخران هما أدل على العموم من هذا:

الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة».

أخرجه أبو داود والنسائي، وأحمد والضياء المقدسي في «المختارة» «ق 234 - 235» وغيرهم كثير ممن لا مجال لذكرهم الآن بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

الثاني: عن أبي الدرداء مرفوعاً: «من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة».

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» وعنه الحافظ عبد الغني المقدسي في «السنن» «ق 182/ 2» وابن عدي في «الكامل» «ق 149/ 2» بإسناد لين كما قال الحافظ «10/ 300» وعزاه الطبراني وابن أبي عاصم، وقال ابن أبي حاتم «2/ 299» عن أبيه: «حديث موضوع».

وثمة حديث ثالث، ولكنه واه جداً، أخرجه أبو الحسن الإخميمي في حديثه «2/ 11/1» من طريق عمر بن قيس عن رجاء بن أبي حارث عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً بلفظ: «يكون في آخر الزمان رجال من أمتي يغيرون السواد (?) لا ينظر الله إليهم يوم القيامة».

وعمر بن قيس هذا، هو أبو جعفر المعروف بـ «سندل» وهو متروك كما في «التقريب».

وما ذهب إليه المصنف من التفصيل السابق، وإن كان لم يتفرد به، فإنه غير قوي من حيث الدليل لمخالفته لظاهر حديثي أبي قحافة وابن عباس في الصحيحين.

وقد تأول الأول منها ابن أبي عاصم بأنه في حق من صار شيب رأسه مستبشعاً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015