الجواب: أولاً يجب أن يلاحظ دائماً إذا ما جاء حديثان بدا لبعض الناس التعارض بينهما، يجب التدقيق في موضع التعارض، الآن لا يوجد تعارض بين الحديثين؛ لأن الحديث الأول: «لا تقتلوا الجراد» نهي صريح عن قتل الجراد.
الحديث الثاني: «أحلت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد» هنا ليس فيه ذكر اقتلوا الجراد، حتى يقال: كيف التوفيق بين: «لا تقتلوا» وبين اقتلوا.
إذاً: لا تعارض، أنا أقول هذا كخطوة أولى في سبيل دفع التعارض الموهوم.
«لا تقتلوا الجراد» لا يعارضه قوله: «أحل لكم أكل الجراد».
فقد يكون أكل الجراد على نحو أكل السمك الميت دون أن يقتل، دون أن يصطاد، فحينئذ لا تعارض بين هذين الحديثين؛ لأن الأول فيه التصريح بعدم قتل الجراد، والثاني فيه إباحة أكل الجراد، ولكن ليس فيه التصريح بقوله عليه السلام اقتلوا الجراد وكلوه، زال التعارض.
ولكن يبقى هناك سؤال ليس كالسؤال السابق، وهو إزالة التعارض بين الحديثين، فإنه لا تعارض.
السؤال الذي يطرح نفسه كما يقولون اليوم هو: ألا يجوز قتل الجراد؟
الجواب: ما دام أن الحديث جاء: «لا تقتلوا» فهو الأصل، وهو صريح الدلالة على أنه لا يجوز قتله، ولكن ربنا عز وجل يقول: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]، وهناك أشياء كثيرة مما خلق الله كالنمل مثلاً لا يجوز قتله؛ لأنه لا فائدة من قتله، لكن مع ذلك إذا ترتب من وجود بعض الحيوانات أو الحشرات ضرر يصيب المسلمين في أنفسهم، في أموالهم، في زروعهم، حينئذ يجوز قتل ما يحصل منه الضرر في شيء من تلك الأمور التي أشرنا إليها آنفاً، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقتلوا الجراد» هو الأصل، لكن كما يقع في بعض السنين إذا غزا أطنان الجراد مزارع المسلمين ويخشى أن تصبح هذه المزارع حصيداً يتضرر بسبب ذلك المسلمون، فيجوز قتل الجراد والحالة هذه دفعاً للضرر.