السؤال: جاء في الحديث: «لا تسموا العنبَ كَرْماً، فإنما الكَرْم الرجل المؤمن».
وفي حديث آخر: «لا يصومن أحدكم يوم السبت، فإن لم يجد إلا عود كرم أو لحاء شجرة، فليفطر عليه» فما هو الجمع بينهما؟
الجواب: الجمع بينهما سهل: إذا صح ذكر لفظ الكَرْم في هذا الحديث، وأنا لا أحفظه، لكن هناك أحاديث فيها تسمية العنب بالكرم.
الجواب على كل حال: بأن النهي عن تسمية العنب كرماً هو من باب قطع دابرة العقول التي كانت تخمرت بشرب الخمر، قطع دابرة هذه العقول عن أن يكون لها صلة -ولو بالألفاظ- بتلك الشجرة، التي منها تستخرج تلك المادة المحرمة بنص الكتاب والسنة، ألا وهي: الخمر.
فالرسول عليه السلام من باب تهذيب الألفاظ، وتذكير القلوب بما لا يجوز قال: «لا يُسَمِيَّن أحدكم العنب كرماً فإنما الكرم» كما في الرواية الصحيحة: «قلب الرجل المؤمن».
الكرم: الذي هو نبات السخاء والكرم: إنما هو قلب الرجل المؤمن، وليست تلك الشجرة التي كان المدمنون لعصيرها الخمر، يعتقدون -ولا يزالون- بأنها تُطَبِّع عاقرها وشاربها بخصال الكرم والجود؛ ولذلك سموها قديماً: بالكرمة، فنهى الرسول عليه السلام بهذه الحكمة أن يسمي الرجل المسلم العنب كرماً.
أما إذا صدر من الرسول عليه السلام تسمية العنب بالكرم، فذلك له وجهان: الوجه الأول: إما أن يكون ذلك قبل نزول هذا الشرع؛ لأننا نعلم أن الأحكام الشرعية -وبخاصة ما كان منها من باب تهذيب الألفاظ- فهذه لم تأت فجأةً وإنما جاءت تَدَرُّجاً كما ذكرناها آنفاً بالتعليق على قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] أن الرسول عليه السلام استمر في العهد المكي يعلم الناس التوحيد،