صحته نظراً في قوله عليه الصلاة والسلام: «الماء طهور لا ينجسه شيء» أي: ما بقي ماء، فإذا رأيت ماء قد تغير لونه بسبب نجاسة أنت لا تمسه ماء مطلقاً، لا تقل: هذا ماء، هذا على أقل تقول عنه: ماء أسن ماء متغير طعمه بنجاسة .. إلخ، فما دام أن الماء لا يزال محافظاً على خصائصه الطبيعية كما لو كان أنزل من السماء آنفاً، فهو الماء الطهور الذي امتن الله عز وجل به على عباده المؤمنين {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] فلما جاءت هذه الزيادة بسند ضعيف وأجمع عليها علماء المسلمين صح يقيناً أن نفهم الحديث بهذا الشرح والبيان، الماء طهور لا ينجسه شيء بشرط ألا يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، ولكن هذا الشرط لابد من تقييده ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه بنجاسة، أما إذا كان هذا التغير في وصف من هذه الأوصاف الثلاثة بغير نجاسة فليس معنى ذلك أن الماء تنجس، كل ما يمكن أن يطرأ عليه من تحول أن يخرج من كونه مطهراً، فيبقى ماء طاهراً، أي: لا يمكن أن تتوضأ به لأنه ليس مطهراً لكن يمكنك أن تغسل به ثيابك، يمكنك أن تترطب به، يمكنك .. إلخ لأنه طاهر، ويمكن أن تشربه، هذا السائل مثلاً هذا الشراب هذا ماء، لكن طعمه متغير ولونه متغير، فهل هو نجس؟
الجواب: لا، لأن هذا تغير ليس أثر نجاسة وإنما أثر طاهر، فهو طاهر يجوز شربه، لكن لا يجوز لك أن تتوضأ به لأنه ليس مطهراً، فإذا عرفنا هذا الحكم الشرعي المتعلق بالماء الذي أنزله الله عز وجل من السماء يمكن نقله إلى قضايا أخرى، مثلاً: الزيت والسمن إذا وقعت فيهما نجاسة وكان كل منهما سائلاً، فهل يتنجس؟ خذ الميزان: إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة بهذه النجاسة التي وقعت في هذا الزيت السائل أو السمن السائل فلا يجوز بيعه ولا شراؤه، وإنما يجب إراقته.
أما إذا لم يتغير الزيت أو السمن بمغيرات من هذه الأوصاف الثلاثة فيظل طاهراً جائزاً أكله وبيعه وشراؤه، هذا إذا كان سائلاً، أما إذا كان جامداً فالأمر أسهل، فقد جاء في الحديث الصحيح وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا وقعت الفأرة في سمن أحدكم فألقوها وما حولها وكلوه» وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة بناء على اختلاف الرواة في هذا الحديث رواية، الرواية الصحيحة هو ما