فهذه العلة التي نص عليها الشارع، وهي تقتضي تأبيد التحريم كما هو ظاهر، والحديث مخرج في الإرواء أيضاً «2483» من رواية الشيخين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه.
(غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام) (ص 37)
«عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقذراً، فبعث الله نبيه، وأنزل كتابه، فأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، وتلا: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ} [الأنعام: 145].
رواه أبو داود في «الأطعمة» «2/ 319 - الحلبية» من طريق عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس.
قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
فائدة: قال الحافظ في شرح هذا الحديث: «والاستدلال بهذا للحل، إنما يتم فيما لم يأت فيه نص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريمه، وقد تواردت الأخبار بذلك، والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل، وعلى القياس».
وقلت: ولذلك فإن المؤلف حفظه الله لم يحسن صنعاً في حكايته لمذهب ابن عباس ومالك المبيح للسباع ونحوها، دون أن يصرح ببطلانه لمخالفته لتلك الأخبار التي أشار إليها الحافظ، وذكر بعضها المؤلف نفسه، ولكنه لم يتبعها بذكر النص المصرح للتحريم، وبذلك ترك المجال واسعاً أمام القراء ليختاروا المذهب المذكور لموافقته لظاهر القرآن، وقل من ينتبه أن هذا الظاهر لا ينبغي الأخذ به ما