الثاني معه ليرى مصيره؛ لأنه متأكد من صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهادته عليه بأنه في النار؛ لأن الله عز وجل قال في حقه عليه الصلاة والسلام: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4].
فكان كما يقال: أتبع له من ظله، وما [يفارقه] إلى أن رآه ورأى مصيره ونهايته أن الجراحات تكاثرت عليه فلم يصبر عليها فوضع ذؤابة سيفه، أي: رأس السيف، في بطنه واتكأ عليه فخرج من ظهره فمات، فركض الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقول له: يا رسول الله! فلان الذي قلنا لك كذا وكذا وقلت أنت: هو في النار فعل كذا وكذا أي: قتل نفسه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «الله أكبر صدق الله ورسوله إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة» ولذلك قال عليه السلام في بعض الأحاديث: «إنما الأعمال بالخواتيم» هذا الرجل [الخبر] الصادق فيه تنبيه المسلم أنه لا يجوز أن يجزم بأن فلان شهيد عند الله تبارك وتعالى؛ لأن لنا الظاهر والله يتولى السرائر، وإنما نقول: نرجو أن يكون مات شهيداً؛ لأن هذا هو الظاهر.
وهذا مثله كما في قوله عليه الصلاة والسلام: «المدح هو الذبح، المدح هو الذبح، المدح هو الذبح» كررها ثلاثاً .. «إن كان أحدكم لا بد مادحاً أخاه فليقل: إني أحسبه كذا وكذا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً» وحينما يمدح المسلم أخاً له مسلماً فإنما يمدحه بناءً على ما ظهر منه من صلاحه كما يظهر من صلاح ذلك الرجل الذي يجاهد في سبيل الله ولكن ما ندري ماذا ينتظر هذا الإنسان .. فالضمائر والقلوب بيد الله لا سيما وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء» ولذلك كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - أنه يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وطاعتك».
فإذاً: نرجو أن يكون فلان مات شهيداً إذا مات في ساحة المعركة أو مات بوصف من الأوصاف التي جاءت دليلاً على أنه شهيد حكماً في السنة كما ذكرنا آنفاً،