يقولون: الشهيد حبيب الله والقاتل عدو الله، فجعلوا هذا الذي قتل شهيد، وربما يكون من أفسق الفساق، ولذلك فإطلاق الشهادة على جنس من الأجناس هو أمر توقيفي، يعني: نقف عند الشرع ولا نزيد عليه كما ضربنا مثالاً آنفاً بالنسبة لمن قتل في حادث سيارة.
أما بالنسبة للسؤال هذا الأخير: فالحقيقة أن الحكم بالشهادة لإنسان مات في ساحة المعركة أو مات بمرض من تلك الأمراض التي سبق ذكرها فنحن نرجو أن يكون شهيداً ولا نقطع بذلك على الله تبارك وتعالى؛ لأن الشهادة كما لا يخفاكم جميعاً يشترط فيها أن يكون جهادهم في سبيل الله تبارك وتعالى، وكما جاء في بعض الأحاديث لكن فيه ضعف؛ لأنه من رواية عبد الله بن لهيعة المصري رواه بإسناده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته» هذا الحديث وإن كان في سنده ذاك الضعف لكن معناه صحيح.
وقد وقع في عهد الرسول عليه السلام أن أحد الصحابة شوهد في بعض المعارك والغزوات يقاتل المشركين قتالاً شديداً عجب منه أصحاب الرسول عليه السلام وكلهم شجعان وأبطال مع ذلك فيما رأوا من استبسال ذلك الرجل في مقاتلته للمشركين فدعاهم إلى أن يذكروا ذلك الاستبسال أمام الرسول عليه السلام فقالوا: يا رسول الله! فلان كذا وكذا، فكان جوابه - صلى الله عليه وسلم - رهيباً جداً حيث قال: «هو في النار» ثم رأوه في المعركة الثانية لا يزداد إلا قتالاً واستبسالاً وذكروا أيضاً للرسول، فقال: هو في النار .. ثلاث مرات، هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال أبو هريرة لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرة الثالثة هو في النار كدنا أن نشك! لأن خبر الرسول عليه السلام في الظاهر ينافي استبسال هذا الصحابي لكن والحمد لله ما كان لأصحابه أن يشكوا ولكنه قال: كدنا أن نشك، أي: ما شككنا لكن لقوة التنافر بين جهاد هذا الإنسان وبين شهادة الرسول له بالنار، قال: كدنا أن نشك، فما كان من أحد الصحابة إلا أن قال: أنا أتولى أمر هذا الرجل فكان كلما هجم هجمة على المشركين ظاهر الرجل