فأقرهم عليه، وقد روينا ما يدل على النهي».

قال الحافظ عقبه: «نعم قد روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» من طريق أبي سلمة عن جابر ما يدل على ذلك، وقال الخطابي: يحتمل أن يكون بيع الأمهات كان مباحا، ثم نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته ولم يشتهر ذلك النهي، فلما بلغ عمر نهاهم».

وأقول: الذي يظهر لي أن نهي عمر إنما كان عن اجتهاد منه، وليس عن نهي ورده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لتصريح علي رضي الله عنه بأنه كان عن رأي من عمر ومنه، فروى عبد الرزاق «13224» بسنده الصحيح عن عبيدة السلماني قال: سمعت عليا يقول: «اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن. قال: ثم رأيت بعد أن يبعن. قال عبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة. قال: فضحك علي».

قال الحافظ: «وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد». وأخرجه البيهقي أيضا. ويؤيد ما ذكرته أن عمر لو كان ذلك عن نص لديه لما رجع عنه علي رضي الله عنه. وهذا ظاهر بين. وهذا بالطبع لا ينفي أن يكون هناك نهي صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد، وإن لم يقف عليه عمر، بل هذا هو الظاهر من مجموع الأحاديث الواردة في الباب، فإنها وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف، فمجموعها مما يقوي النهي ومن ذلك طريق أبي سلمة التي أشار إليها الحافظ فيما سبق، فإنها شاهد قوي له، على الرغم من أن الحافظ سكت عنه، وكذلك البوصيري في «زوائد ابن ماجة» «ق 156/ 2» وذكر هذا أن لفظه عند ابن أبي شيبة عن جابر: «وذكر لي أنه زجر عن بيعهن بعد ذلك، وكان عمر يشتد في بيعهن». وهذا النهي يلتقي مع بعض الأحاديث التي تدل على أن أمة الرجل تعتق بولدها، وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة أيضا، فلا أقل من أن تصلح للشهادة، ومنها ما رواه عبد الرزاق «13219» عن سفيان «الأصل: أبي سفيان» عن شريك بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: «أيما رجل ولدت منه أمته فهي معتقة عن دبر منه». وهذا إسناد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015