قلت: وفي مبايعته - صلى الله عليه وسلم - النساء في هذه القصة، دليل على أنها وقعت بعد فرض الجلباب؛ لأنه إنما فرض في السنة الثالثة، وآية المبايعة نزلت في السنة السادسة كما يأتي تحقيقه صفحة «74»، ويؤيده ما ذكر في «الفتح» «2/ 377» أن شهود ابن عباس القصة كان بعد فتح مكة، ويشهد له ما سيأتي.
7 - عن سُبَيْعَةَ بنت الحارث: أنها كانت تحت سعد بن خولة فتوفي عنها في حجة الوداع وكان بدريًّا، فوضعت حملها قبل أن ينقضي أربعة أشهر وعشر من وفاته فلقيها أبو السنابل بن بعكك حين تعلَّت 1، من نفاسها وقد اكتحلت [واختضبت وتهيأت] فقال لها: اربعي 2 على نفسك -أو نحو هذا- لعلك تريدين النكاح؟ إنها أربعة أشهر وعشر من وفاة زوجك قالت: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ما قال أبو السنابل بن بعكك فقال: «قد حللت حين وضعت».
أخرجه الإمام أحمد «6/ 432» من طريقين عنها أحدهما صحيح، والآخر حسن، وأصله في الصحيحين وغيرهما، وفي روايتهما: «تجملت للخطاب». وفيها أن أبا السنابل كان خطبها، فأبت أن تنكحه، وفي رواية النسائي: «تشوَّفت للأزواج».
والحديث صريح الدلالة على أن الكفين ليسا من العورة في عرف نساء الصحابة، وكذا الوجه أو العينين على الأقل، وإلا لما جاز لسبيعة -رضي الله عنها- أن تظهر ذلك أمام أبي السنابل، ولا سيما وقد كان خطبها فلم ترضه.
وراجع لهذا «النظر في أحكام النظر» للحافظ ابن القطان «ق 67/ 2 - 68/ 2».
وقوله «تعلت»: أي خرجت من نفاسها وسلمت.
وقوله: «اربعي»: بهمزة وصل وبفتح الباء، أي: ارفقي.
8 - عن عائشة -رضي الله عنها: «أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تبايعه ولم تكن مختضبة فلم يبايعها حتى اختضبت». [حديث حسن أو صحيح].
9 - عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إني أصرع وإني