وقال الحافظ في «الفتح» «9/ 210»: «وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها، وإن لم تتقدم الرغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صعد فيها النظر وصوبه، وفي الصيغة ما يدل على المبالغة في ذلك، ولم يتقدم منه رغبة فيها ولا خطبة، ثم قال: «لا حاجة لي في النساء» «يعني: كما في بعض طرق القصة»، ولو لم يقصد أنه إذا رأى منها ما يعجبه أنه يقبلها ما كان للمبالغة في تأملها فائدة. ويمكن الانفصال عن ذلك بدعوى الخصوصية له لمحل العصمة، والذي تحرر عندنا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره. وسلك ابن العربي «قلت: وهو غير ابن عربي الصوفي النكرة المتوفى بدمشق سنة 638 هـ» في الجواب مسلكًا آخر، فقال: يحتمل أن ذلك قبل الحجاب، أو بعده، لكنها كانت متلفعة. وسياق الحديث يبعد ما قال».
4 - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفن من الغلس».
ووجه الاستدلال بها هو قولها: «لا يعرفن من الغلس» فإن مفهومه أنه لولا الغلس لعرفن وإنما يعرفن عادة من وجوههن وهي مكشوفة فثبت المطلوب. وقد ذكر معنى هذا الشوكاني «2/ 15» عن الباجي.
ثم وجدت رواية صريحة في ذلك بلفظ: «وما يعرف بعضنا وجوه بعض».
الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق خرجتها في «صحيح أبي داود» «449».
5 - عن فاطمة بنت قيس: «أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة «وفي رواية: آخر ثلاث تطليقات» وهو غائب. .. فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له. .. فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك [عنده]»، «وفي رواية: «انتقلي إلى أم شريك» -وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها