الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة، لاسيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال الحافظ في «التلخيص» «ص 291 - 292»: «فائدة»: روى عبد الرزاق وسعيد بن منصور في «سننه» «520 - 521» وابن أبي عمر وسفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن على بن الحنفية: أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، «فقيل له: إن ردك، فعاوده»، فقال «له علي»: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقيها، فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك. وهذا يشكل على من قال: إنه لا ينظر غير الوجه والكفين».

وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية. قال ابن القيم في «تهذيب السنن ««3/ 25 - 26»: «وقال داود: ينظر إلى سائر جسدها. وعن أحمد ثلاث روايات: إحداهن: ينظر إلى وجهها ويديها. والثانية: ينظر ما يظهر غالبا كالرقبة والساقين ونحوهما.

والثالثة: ينظر إليها كلها عورة وغيرها، فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة! «قلت: والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث، وتطبيق الصحابة له والله أعلم. وقال ابن قدامة في «المغني» «7/ 454»: «ووجه جواز النظر «إلى» ما يظهر غالبا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أذن في النظر إليها من غير علمها، علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة، إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، ولأنه يظهر غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم». ثم وقفت على كتاب «ردود على أباطيل» لفضيلة الشيخ محمد الحامد، فإذا به يقول «ص 43»: «فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل». وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه، إذ أن المسألة خلافية كما سبق بيانه، ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث، وهو لم يصنع شيئا من ذلك، بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015