مثلاً: الحديث القدسي الذي يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه عز وجل حيث قال: «من لم يَدَع الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يَدَع طعامه وشرابه» هذا حديث عظيم جداً، ويلتقي كل الالتقاء مع خاتمة تلك الآية: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
إذاً: ليس المقصود إذا جمعنا بين الآية والحديث .. ليس المقصود كل القصد أقول: كل القصد حتى لا يسيء البعض فهم كلامي .. ليس المقصود كل القصد من الصائم أن يمسك نفسه عن الطعام والشراب والجماع المنصوص على أنها من المفطرات في القرآن وفي السنة، فضلاً عن المفطرات الأخرى التي فيها خلاف كبير بين الفقهاء .. ليس المقصود الإمساك عن هذه المفطرات فقط، وإنما هناك من الواجبات الأخرى التي يجب على المسلم أن يمسك عنها أيضاً كما أمسك عن هذه المفطرات.
على ضوء التعليل المذكور في الآية والحديث الصريح الصحيح المذكور آنفاً، أستطيع أن أقول لكم شيئاً قد يكون أمراً جديداً في التعبير، وليس شيئاً جديداً في الأحكام؛ لأن ذلك منصوص في القرآن والسنة، التعبير الجديد هو: أن كتب الفقه قاطبةً جَرَت على ذكر المُفَطِّرات، وهذا شيء لا بد منه.
ولكن أنا أقول بياناً وتوضيحاً لما سبق من الآية والحديث، أقول: إن المفطرات قسمان:
يجب أن تكون هذه القسمة الحَقَّة ثابتة في أذهان الجميع؛ لأهميتهما:
القسم الأول: المفطرات المادية، وهي التي تتعرض لبيانها كتب الفقه كما ذكرت آنفاً.
والقسم الآخر من المفطرات: لنُسَمِّها بالمفطرات المعنوية، هذه المفطرات المعنوية هي التي أشارت إليها الآية الكريمة: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] وأوضح ذلك قوله عليه الصلاة والسلام عن ربه تبارك وتعالى: «من لم يَدَع قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يَدَع طعامه وشرابه».
إذاً: يجب أن يقرن مع تركه لطعامه وشرابه وشهوته الجنسية يجب أن يضم إلى ذلك