الشيخ: أبتديء كلمةً مناسبة إن شاء الله للمكان أو المقام والزمان الذي نحن فيه، حيث نعلم جميعاً قول الله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
هذه الآية طالما سمعتم تعليقاً حولها وكلاماً مفيداً فيما يتعلق بها، ولكني أعتقد أنكم قَلَّما تكونون قد سمعتم تعليقاً خاصاً حول آخر هذه الآية: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
كتب هذا الصيام لماذا؟
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] هذه الآية من الآيات القليلة، بل ومن النصوص الشرعية القليلة التي يقترن الحكم الشرعي فيها مع بيان الغاية والعلة منها، هنا تصريح بِفَرْضِيَّة صيام شهر رمضان، وعلى المسلمين أن يباشروا إلى تبني وتطبيق هذا الحكم دون أن يسألوا لِمَ وكيف وما شابه ذلك مما يكثر الآن التساؤل عما يسمى بِحِكَم التشريع، كثيراً ما تسمع من بعض الناس لماذا كذا ولماذا كذا ولماذا كذا؛ لهذا «نحن لا نستحسن التوسع في تَلَمُّس حِكَم التشريع، إلا ما كان منها منصوصاً في الشرع كمثل ما نحن فيه الآن».
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] إلى آخر الآية لماذا؟ قال تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
أي: إن المقصد من الصيام هو أن يكون هذا الصيام وسيلة ليزداد الصائم تقوىً لله عز وجل وتقرُّباً إليه، فإذا ما صام الصائم ولم يَتَطَوَّر وضعه عما كان عليه من قبل أي: قبل رمضان، فمعنى ذلك: أن هذا الصائم لم يُحقِّق الغاية المرجوة من فريضة هذا الصيام، وقد جاءت بعض الأحاديث الصحيحة طبعاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تُبَيِّن وتؤكد هذه الغاية التي نَصَّت عليها الآية.