قلت: بل اعتقد أنه واجب على من كان على علم بما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم -، فالعدول عنه حينئذ يخشي أن يحق فيه قول الله تبارك وتعالى: «أتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير»؟
أحكام الجنائز [161].
ثم يسلم تسليمتين مثل تسليمه في الصلاة المكتوبة إحداهما عن يمينه، والأخرى عن يساره لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «ثلاث خلال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلهن تركهن الناس، إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة».
وقد ثبت في «صحيح مسلم» وغيره عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمتين في الصلاة، فهذا يبين أن المراد بقوله في الحديث الأول: «مثل التسليم في الصلاة» أي التسليمتين المعهودتين.
ويحتمل أنه يعني بالاضافة إلى ذلك أنه كان يسلم تسليمة واحدة أيضا، بالنظر إلى أن ذلك كان من سنته - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة أيضا، أي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان تارة يسلم تسليمتين وتارة تسليمة واحدة لكن الأول أكثر، غير أن هذا الاحتمال فيه بعد لأن التسليمة الواحدة وإن كانت ثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - لكن لم يروها ابن مسعود فلا يظهر أنها تدخل في قوله المذكور «مثل التسليم في الصلاة». والله أعلم.
وقد ذهب إلى التسليمتين الحنفية كما في «المبسوط» «2/ 65»، أحمد في رواية عنه كما في «الإنصاف» «2/ 525» والشافعية كما في «شرح ابن قاسم الغزي» «1/ 431 - باجوري» وقال: «لكن يستحب زيادة ورحمه الله وبركاته».
أحكام الجنائز [162].