وأما تأويل بعض العلماء لقوله في الحديث: «فلا صلاة له» أي: كاملة فإن أرادوا بذلك نفي الوجوب كما هو الظاهر فهو باطل من وجهين:
الأول: قوله عقبه: «إلا من عذر» فإن هذا لا يقال في غير الواجب كما سبق بيانه.
الثاني: أن هذا التأويل غير معروف في الشرع كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ولا بأس من أن أنقل كلامه مختصرا لأهميته قال رحمه الله في «القواعد النورانية ص 26»:
«وأما ما يقوله الناس: إن هذا نفي للكمال. كقوله: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» قلت: هذا ليس له إسناد ثابت. فيقال له: نعم هو لنفي الكمال لكن لنفي كمال الواجبات أو لنفي كمال المستحبات؟
فأما الأول فحق وأما الثاني فباطل لا يوجد مثل ذلك في كلام الله عز وجل ولا في كلام رسول الله قط وليس بحق فإن الشيء إذا كملت واجباته فكيف يصح نفيه؟ !
وأيضا فلو جاز لجاز نفي صلاة عامة الأولين والآخرين لأن كمال المستحبات من أندر الأمور.
وعلى هذا فما جاء من نفي الأعمال في الكتاب والسنة فإنما هو لانتفاء بعض واجباته كقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية.
وقوله: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} ونظائر ذلك كثيرة.
ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا إيمان لمن لا أمانة له» و «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» و «من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له».
ولا ريب أن هذا يقتضي أن إجابة المؤذن المنادي إلى الصلاة في جماعة من الواجبات.
لكن إذا ترك هذا الواجب فهل يعاقب عليه ويثاب على فعله من الصلاة أم