الفاتحة، وإلا قد يقول قائل: إن الرسول ما كان يقرأ البسملة، وفعلاً الآن يوجد بعض المذاهب وهو المذهب المالكي، وإذا ذهبت إلى بعض بلاد المغرب ترون الإمام يقول هكذا: الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، لماذا؟
لأنه ما فيه عندهم أحاديث ثابتة أن الرسول كان يدعو دعاء الاستفتاح وكان يقرأ بسم الله، فمن الممكن أنه لو ثبت أن الرسول عليه السلام كان يجهر بالبسملة، كان يجهر بها تعليماً للناس، لأنه ثبت في بعض الأحاديث الصحيحة وهو في البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بعد الفاتحة في صلاة الظهر والعصر، قال: «وكان يُسْمعنا الآية أحياناً» فهو جهر.
مع أن صلاة الظهر والعصر صلاة سرية، لماذا كان يسمعهم الآية أحياناً؟ حتى يعرفوا أنه يقرأ بعد الفاتحة أولاً، ثم حتى يعرفوا من أيِّ سورة كان يقرأ، لأنهم لما يسمعوا الآية يعرفوا بسبب أنهم كانوا يحفظون، يعرفوا أنه من أي سورة كان يقرأ عليه السلام.
فإذاً: لو ثبت - ولم يثبت - أن الرسول كان يجهر أحياناً، فكان ذلك من أجل التعليم، ولم يكن من أجل التسنين أنها تصير سنة مستمرة، لا، ولذلك لما جاء في صحيح مسلم وغيره أن عمر بن الخطاب كان يجهر أحياناً بسبحانك اللهم وبحمدك، مع أن هذه ما أحد يقول بأن السنة فيها الجهر، لماذا؟ أيضاً يعلمهم ماذا يقرأ بين يدي الفاتحة.
فهكذا لو صح شيء في الجهر بالبسملة، لكن لا يوجد أي حديث صحيح إطلاقاً.
(الهدى والنور /254/ 56: 29: 00)