هكذا حتى يجيبوا المؤذن .. هذا خطأ في هذه الصورة فقط خطأ، لماذا؟
لأنه إذا ظل واقفاً يُجِيب المؤذن فهو في طاعة في عبادة، لكن ما حكم هذه العبادة؟ هي فريضة؟ لا، هي واجبة .. هي لا .. هي مستحبة؟ بلى، هي مستحبة، لكن انظر ماذا سيترتب من وراء العمل هذا الأمر المستحب:
سيبدأ هو بعد الانتهاء من الإجابة تماماً بصلاة ركعتين تحية المسجد .. يكون الخطيب قام وبدأ بالخطبة، فإذاً: سيذهب عليه قسم من الخطبة التي يجب عليه أن يستمع إليها؛ بسبب انشغاله بإجابة المؤذن، وهذه المسألة فرع من عشرات بل مئات الفروع التي تدخل في قاعدة: أن المسلم إذا وقع بين مفسدتين أو بين شَرّين اختار أقلهما.
الآن: هو إما أن يَشْرَع في التحية وإما أن يشرع بالإجابة، لكن إذا أشغل نفسه بالإجابة سيضطر أن يشغل نفسه بالصلاة والخطيب يخطب بينما الرسول عليه السلام أمر الحاضرين بأن لا يَشْغَلوا أنفسهم بالصلاة إلا إذا دخل والخطيب يخطب، ففي هذه الحالة لا بد من أن يصلي ركعتين تحية المسجد لقوله عليه السلام: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليصل ركعتين وليَتَجَوَّز فيهما» أي: يُخَفِّفهما.
أما أنت دخلت والخطيب لم يبتدئ فلماذا تقف منتظراً .. إجابة مؤذن! حسنًا! لو كنت قبل هذا فعليك أن تُجِيب بهذه الإجابة، أما أن تتأخر هكذا حتى تجيب فيشرع الإمام بالخطبة وأنت لم تبدأ بالصلاة، إذاً: في هذه الصورة يبدأ بالتحية ولا يشغل نفسه بالإجابة؛ لأن التحية أهم من الإجابة.
أما في سائر الأوقات الظهر .. العصر إلى آخره فلا يجلس إلا بعد أن يُجِيب المؤذن، في هذه الحالة يجمع بين مصلحتين عكس الأولى .. في هذه الحالة يجيب المؤذن في الوقت نفسه لا يجلس فيخالف الرسول عليه السلام الذي قال في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» أو في لفظ آخر: «فليصل ركعتين ثم ليجلس» فهنا جمع بين تنفيذ أمره: «فليصل ركعتين ثم ليجلس» وبين أمره: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول».
«الهدى والنور / 744/ 18: 33: 00»