عن أنس: «كنا إذا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فقلنا: زالت الشمس، أو لم تزل صلى الظهر ثم ارتحل».
[قال الإمام]: وقد بوب أبو داود للحديث بقوله: «باب المسافر يصلي وهو يشك في الوقت»، وعلق عليه صاحب «العون» فقال: «هل جاء وقت الصلاة أم لا؟ فلا اعتبار لشكه، وإنما الاعتماد في معرفة الأوقات على الإمام، فإن تيقن الإمام بمجيء الوقت، فلا يعتبر بشك بعض الأتباع». وقوله: «على الإمام»، وأقول: أو على من أنابه الإمام من المؤذنين المؤتمنين الذين دعا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمغفرة، وهو الذين يؤذنون لكل صلاة في وقتها، وقد أصبح هؤلاء في هذا الزمن أندر من الكبريت الأحمر، فقل منهم من يؤذن على التوقيت الشرعي، بل جمهورهم يؤذنون على التوقيت الفلكي المسطر على التقاويم و «الروزنامات»، وهو غير صحيح لمخالفته للواقع، وفي هذا اليوم مثلا «السبت 20 محرم سنة 1406» طلعت الشمس من على قمة الجبل في الساعة الخامسة وخمس وأربعين دقيقة، وفي تقويم وزارة الأوقاف أنها تطلع في الساعة الخامسة والدقيقة الثالثة والثلاثين! هذا وأنا على «جبل هملان»، فما بالك بالنسبة للذين هم في «وسط عمان»؟ لا شك أنه يتأخر طلوعها عنهم أكثر من طلوعها على «هملان». ومع الأسف فإنهم يؤذنون للفجر هنا قبل الوقت بفرق يتراوح ما بين عشرين دقيقة إلى ثلاثين، وبناء عليه ففي بعض المساجد يصلون الفجر ثم يخرجون من المسجد ولما يطلع الفجر بعد، ولقد عمت هذه المصيبة كثيرا من البلاد الإسلامية كالكويت والمغرب والطائف وغيرها، ويؤذنون هنا للمغرب بعد غروب الشمس بفرق 5 - 10 دقائق.
ولما اعتمرت في رمضان السنة الماضية صعدت في المدينة إلى الطابق الأعلى من البناية التي كنت زرت فيها أحد إخواننا لمراقبة غروب الشمس وأنا صائم، فما أذن إلا بعد غروبها بـ «13 دقيقة»! وأما في جدة فقد صعدت بناية هناك يسكن في شقة منها صهر لي، فما كادت الشمس أن تغرب إلا وسمعت الأذان. فحمدت الله على ذلك.
السلسلة الصحيحة «6/ 1/ 653 - 654».