رجع إلى حديث عبد الرزاق، وكان يقول: الحرب خدعة، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك أن يتأهب الناس أهبة، وأنا أيسر ماكنت قد جمعت راحلتين، وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد وخفة الحاذ، وأنا في ذلك أصغو إلى الظلال، وطيب الثمار، فلم أزل كذلك حتى قام النبي - صلى الله عليه وسلم - غادياً بالغداة وذلك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس، فأصبح غادياً، فقلت: انطلق إلى السوق فاشترى جهازي ثم الحق بهم، فانطلقت إلى السوق من الغد، فعسر عليَّ بعض شأني فلم أزل كذلك حتى التبس بي الذنب وتخلفت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلت أمشي في الأسواق وأطوف بالمدينة، فيحزنني أني لا أرى أحداً تخلف إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق، وكان ليس أحد تخلف إلا رأى أن ذلك سيخفي له وكان الناس كثير لايجمعهم ديوان، وكان جميع من تخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بضعة وثمانين رجلاً ولم يذكرني النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوكاً فلما بلغ تبوكاً قال: ((مافعل كعب بن مالك؟)) فقال رجل من قومي خلفه: يارسول الله برديه والنظر في عطفيه، وقال يعقوب، عن أبي أخي شهاب: براده، والنظر في عطفيه، فقال معاذ ابن جبل: بئس ماقلت، والله يانبي الله مانعلم إلا خيراً، فبينما هم كذلك إذا برجل يزول به السراب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كن ابا خيثمة)) فكان أبو خيثمة. فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك وقفل ودنا من المدينة جعلت أتذكر بماذا أخرج من سخطة النبي - صلى الله عليه وسلم - واستعين على ذلك لكل ذي رأى من أهلي حتى إذا قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو مصبحكم بالغداة زاح عني الباطل وعرفت أني لا أنجو إلا بالصدق، ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى، فصلى في المسجد ركعتين.
وكان إذا جاء من سفر، فعل ذلك، فصلى ركعتين، ثم جلس، فجعل يأتيه من تخلف فيحلفون له ويعتذرون إليه