أخبرهما منه: «يسبق حلمه غضبه» ، «ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً» . فكنت ألطف به لأخبر ذلك، فجاءه أعرابى، فقال: إن بنى فلان قد أسلموا، وقد أصابتهم سنة (?) ، وشدة، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشىءٍ تعينهم به فعلت. فلم يكن عنده شىء، فدنوت منه، فذكرت أن أسلفه ثمانين ديناراً فى تمر، فأعطاها لذلك الأعرابى، فلما دنا الأجل، فلم يبق إلا يومان أو ثلاثة جئت إليه، وقد صلى على جنازة، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فى نفر من أصحابه، فأخذت بمجامع ثوبه، ونظرت إليه بوجه غليظ، وقلت: لما تقضنى حقى يا محمد؟ فإنكم ولله ـ ما علمتكم بنى عبد المطلب ـ لسيئى القضاء مطل، قال: ونظرت إلى عمر فإذا عيناه تدوران فى وجهه، وقال: يا عدو الله لولا ما أحاذر من عظمه لضربت الذى فيه عيناك، قال: فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر فى سكون وتبسم، ثم قال: يا عمر أنا وهو إلى غير هذا منك أحوج: تأمره بحسن الاقتضاء وتأمرنى بحسن القضاء، ثم قال: يا عمر اذهب به فاقضه حقه وزده عشرين صاعاً مكان ما روعته. قال: فذهب بى فأعطانى فأسلمت» (?) .