أما مؤلّف الكتاب (?) فَعلَمٌ من أعلام المسلمين، وعالم عمّت شهرتُه، وذاع صِيتُه، لِما ألّف في الفنون والعلوم، وشاركَ في الحياة، وترك من الآثار. وإذا عُدّ المكثرون من المُصنّفين في تاريخ العربية، كان من المتصدّرين، بل إنّه لا يضاهيه أو يقاربه في عدد مؤلّفاته، وتنوّعها، وأهميتها، إلا قليل من العلماء.
وأبو الفرج، عبد الرحمن بن علي بن محمد، ابن الجوزي (?)، يرجع نسبه إلى الصدّيق أبي بكر، وقد وُلِد في بغداد سنة عشر وخمسمائة للهجرة تقريبًا. وتوفّي والده وهو في الثالثة من عمره، فرَعَته عمّتُه - وكانت امرأة صالحة، فحملته إلى مسجد أبي الفضل محمَّد بن ناصر السُّلامي، الذي اعتنى به.
قرأ ابن الجوزيّ القرآن، وروى الحديث، وتفقّه، وتعلّم مختلف الفنون والمعارف على عدد كبير من علماء العصر. وقد أفاضت كتب التراجم بذكر أسماء شيوخه، وذكر هو في "مشيخته" أكثر من ثمانين منهم، كما ذكر غيرهم في مؤلّفاته الأُخر.