(1345) حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن الحُباب قال: حدّثني أبو المنذر سلّام بن سليمان النحويّ قال: حدّثنا عاصم بن أبي النَّجود عن أبي وائل عن الحارث البكريّ قال:
خرجْتُ أشكو العلاء بن الحَضْرَميّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمررْتُ بالرَّبَذة، فإذا عجوز من بني تميم مُنْقَطَعٌ بها، فقالت لي: يا عبد اللَّه، إنّ لي إلى رسول اللَّه حاجةً، فهل أنت مُبلغي إليه؟ قال: فحملْتُها، فأتيْتُ المدينة، فإذا المسجدُ غاصٌّ بأهله، وإذا راية سوداءُ تخفِقُ، وبلال متقلّد السيفَ بين يَدَي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقُلْتُ: ما شأنُ النّاس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا.
قال: فجَلَسْتُ، فدخلَ منزلَه - أو قال: رَحْلَه، فاستأذنْتُ عليه فأذِنَ لي، فدخلْتُ فسلَّمْتُ، فقال: "هل كان بينكم وبين تميم شيء؟ " قلتُ: نعم، وكانت لنا الدَّبْرَةُ عليهم، ومررتُ بعجوز من بني تميم مُنْقَطعٍ بها وسأَلَتْني أن أحمِلَها إليك، وها هي بالباب. فأذِنَ لها فدخلت. فقلتُ: يا رسول اللَّه، إنّ رأيتَ أن تجعلَ بيننا وبين تميم حاجزًا فاجعل الدَّهناء. فحَمِيَتِ العجوز واستوفَزَتْ وقالت: يا رسول اللَّه، فإلى أين تضطرُّ مُضَرَك؟ . قال: قلت: إنّ مثلي ما قال الأولُ: مِعْزى حَمَلَتْ حَتفَها، حَمَلْتُ هذه، ولا أشعرُ أنها كانت لي خصمًا، أعوذ باللَّه ورسوله أن أكونَ كوافد عاد. قال "هيه، وما وافد عاد"؟ وهو أعلم بالحديث مني، ولكن يستطعمه.
قلت: إنّ عادًا قَحِطوا فبعثوا وافدًا لهم يقال له: قَيْل، فمرّ بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمر، وتغنّيه جاريتان يقال لهما الجرادتان. فلمّا مضى الشهر خرج إلى جبال مَهرة (?)، فقال: "اللهمّ إنّك تعلمُ أني لم أجىء إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسيرٍ فأُفاديه،