الفضل، فوثبَ العبّاس فَرِحًا حتى قَبَّل بين عينَيه، فأخبره ما قال الحجّاج، فأعتقَه، ثم جاءه الحجّاج فأخبره أن رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد افتتح خيبر، وغَنِمَ أموالَهم، وجَرَت سهامُ اللَّه في أموالهم، واصطفى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صفيّةَ بنت حُيَيّ واتَّخَذَها لنفسه، وخَيّرَها بين أن يُعْتِقَها وتكونَ زوجته أو تلحقَ بأهلها، فاختارت أن يُعْتِقَها وتكونَ زوجتَه. ولكنّي جئتُ لمالٍ كان لي هاهنا أردْتُ أن أجمعَه فأذهبَ به، واستأذَنْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأذِنَ لي أن أقولَ ما شئْتُ، فأخفٍ عنّي ثلاثًا ثم اذكر ما بدا لك. قال: فجمعَت امرأتُه ما كان عندها من حُلِيٍّ أو مَتاعٍ، فجمعَتْه فدفعَتْه إليه، ثم انشمر به.

فلمّا كان بعد ثلاث أتى العبّاسُ امرأة الحجّاج فقال: ما فعلَ زوجُك؟ فأخبَرَتْه أنّه قد ذهب يومَ كذا وكذا، وقالت: لا يَحْزُنُك اللَّه يا أبا الفضل، لقد شقَّ علينا الذي بَلَغَك. قال: أجل لا يَحْزُنّي اللَّه، ولم يكن بحمد اللَّه إلّا ما أحْبَبْنا: فتح اللَّهُ خيبرَ على رسوله، وجَرَتْ فيها سهامُ اللَّه، واصطفى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صفيّةَ لنفسه، فإن كانت لكِ حاجةً في زوجك فالحقي به. قالت: أظنُّكَ واللَّهِ صادقًا، قال: فإنّي صادق، الأمرُ على ما أخبرْتُك، ثم ذهبَ حتى أتى مجالسَ قُريش، وهم يقولون إذا مرّ بهم: لا يُصيبُك إلّا خيرّ يا أبا الفضل. قال: لم يُصِبْني إلّا خيرٌ بحمد اللَّه، قد أخبرَني الحجّاج بن عِلاط أنّ خيبرَ فتحها اللَّه تعالى على رسوله، وجَرَتْ فيها سِهامُ اللَّه، واصطفى صفيّة لنفسه، وقد سألنَي أن أُخْفيَ عنه ثلاثًا، وإنّما جاء ليأخذَ مالَه وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهبَ. قال: فردّ اللَّهُ الكآبةَ التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرجَ المسلمون من كان دخلَ بيتَه مكتئبأ حتى أتَوا العبَاس، فأخبرَهم الخبرَ، فسُرَّ المسلمون، وردَ ما كان من كآبةٍ أو غيظٍ أو حُزنٍ على المشركين (?).

ومعنى عَقِرَ: تحيَّرَ ودَهِش.

(580) الحديث السابع والخمسون بعد الأربعمائة: وبه عن أنس قال:

أخذَ رسولُ اللَّهِ على النساء حين بايعَهنّ ألا يَنُحْنَ. فقلن: يا رسول اللَّه، إنّ نساءً أسْعَدْنَنا في الجاهليةَ، أفَنُسْعِدُهُنّ في الإسلام؟ فقال رسول اللَّه: "لا إسعادَ في الإسلام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015